23 Oct
23Oct

لأثنين 23-10-2017
ترجمة: دلال ابراهيم

فشل مشروع زمرة برزاني الكردية في إقامة كردستان المستقلة في شمال العراق . وكان مسعود برزاني قد دعا إلى إجراء استفتاء لتحويل الانتباه عن المشاكل المالية لدى حكومته ,

واعتبرت عشائر كردية أخرى قوية أن تلك المحاولة هي المحاولة النهائية لإنقاذ موقفه السياسي , ودعا الاستفتاء إلى استقلال المناطق الكردية بما فيها المناطق الواقعة خارج حدود الإقليم , أي محاولة ضم مناطق أخرى . وقد عارضت القوى الوطنية العراقية والقوى الدولية هذا الاستفتاء . ونتيجتها بات الآن مسعود برزاني وعائلته في طريقهم لفقدان موقعهم القيادي.‏

وأصبحت المطالبات الكردية الأحادية الجانب منذ عام 2003 بحكم الساقطة . وتبدد حلم استقلال أكراد العراق وسورية.‏

هذا وقد تجاوز أكراد العراق منذ عام 2003 , ولاسيما منذ عام 2014 حدود إقليمهم إلى حد كبير , واحتلوا مناطق ذات تنوع سكاني وتحتوي على احتياطات نفطية هائلة. وقد طالبت منذ أشهر الحكومة العراقية المدعومة من البرلمان والرأي العام والمجتمع الدولي بعودة الأكراد إلى حدود عام 2003 , واعتبروا مشروع الاستقلال غير شرعي.‏

وكانت عائلة البرزاني قد باعت النفط وكدست الأموال العائدة وفق القانون لحكومة العراق الاتحادية , وكذلك سيطرت ميليشياته على المراكز الحدودية الاتحادية مع الدول المجاورة واحتفظت بجميع الرسوم الجمركية لصالحها. وخلال هذا الوقت لم يتسلم المعلمون وغيرهم من الموظفين في الإقليم رواتبهم . وتعتبر عائلة البرزاني واحدة من العائلات في إقليم كردستان العراق. ومنافسها التاريخي هي عائلة طالباني , وللعائلتين حزبهما السياسي وميليشياتهما , وخلال أعوام التسعينات نشبت حرب بينهما , وإثرها طلب بارزاني المساعدة من الرئيس العراقي صدام حسين من أجل هزيمة أعدائه المحليين.‏

وعلى مدى العقد الماضي , وفي أعقاب الغزو الأميركي للعراق تخلت عائلة طالباني عن لعب دورها الرئيسي في الإقليم الكردي مقابل شغل زعيمها جلال الطالباني منصب رئيس الجمهورية. وبمجرد وفاة الرئيس طالباني في 2 تشرين الأول المنصرم عززت أسرته موقفها . وقد تفاوضت مع الحكومة المركزية العراقية على اتفاق للحد من السلطات شبه الديكتاتورية للبرزاني.‏

وعندما تحركت القوات الحكومية العراقية لاستعادة كركوك من الأكراد , انسحبت قوات الاتحاد الوطني الكردستاني التابع لطالباني , ووجدت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني التابع للبرزاني في موقع لا يمكن الدفاع عنه واضطرت إلى الفرار على عجل. واستعادت القوات الحكومية العراقية السيطرة على حقول النفط الكبيرة التي يحتلها الأكراد , وكذلك استعادوا السيطرة على المعابر الحدودية مع سورية وتركيا. والآن وبعد ثلاث سنوات بوسع الإيزيديين العودة إلى سنجار بعد السيطرة على سد الموصل. وبالتالي فإن المنطقة الكردية ودون الموارد النفطية لن تملك الدخل اللازم لتمويل مشروعها الاستقلالي. وبينما انهار مشروعها في نظر الجميع , لم ينطق مسعود برزاني بأي كلمة.‏

ولم تستعد الحكومة العراقية المناطق التي احتلها أكراد البرزاني فحسب , بل ستطالب بإجراء انتخابات إقليمية جديدة , ومن المشكوك فيه أن يفوز البرزاني أو أحد أبنائه بتلك الانتخابات المحلية بعد الكوارث التي تسببت فيها انتهاكاتهم.‏

وفي سورية سيطرت قوات الحماية الكردية على الرقة , وسوف تستغرق أعوام لإعادة بناء المدينة المدمر بجزء كبير منها كلياً بسبب الضربات الجوية الأميركية ضد داعش. بينما تنهار مواقعها في دير الزور بفعل ضربات القوات الحكومية السورية .‏

وهكذا ومع اقتراب داعش من نهايتها , وانتهاء مشروع الاستقلال الكردي في العراق , سوف يتم إعادة أكراد سورية إلى حجمهم الطبيعي . وسوف يتعين على وحدات حماية الشعب التخلي عن 20% من الأراضي و40% من الموارد النفطية السورية وهم لا يشكلون أكثر من 8% من نسبة السكان. وكانت القوات الكردية قد تلقت الدعم المالي والعتادي من القوات الأميركية , ووصلت معظم تلك المعدات والذخائر من الطائرات الأميركية في أربيل , وتم نقلها براً عبر المراكز الحدودية العراقية السورية التي كان يسيطر عليها برزاني . والآن سوف تستعيد الحكومة العراقية السيطرة على تلك المراكز , ولن يتم ضمان إمدادات العتاد الأميركي إلى المناطق الكردية السورية .‏

وضمن هذا السياق , فإن الولايات المتحدة التي دعمت منذ فترة طويلة الحكم الذاتي الكردستاني في العراق , اتفقوا الآن مع الحكومة المركزية في بغداد وتخلوا عن أكراد البرزاني , وهذا هو المصير الذي ينتظر أكراد سورية.‏

وفي تلك الأثناء, غزت القوات التركية منطقة إدلب السورية وهي تحاصر تقريباً منطقة عفرين الكردية, وستبذل إسرائيل التي تريد بلقنة سورية كل ما في وسعها لمنع الأميركيين من الانسحاب من سورية. ويريد بعض أعضاء الجيش الأميركي الحفاظ على تحالفهم مع أكراد سورية . ولكن لا تركيا ولا العراق تريدان استمرار دعم الولايات المتحدة للقوى الكردية. ومع عدم وجود أي منفذ بري أو جوي أو بحري مضمون لن يكون بوسع القوات الأميركية مواصلة وجودها في سورية على المدى الطويل , علاوة على عدم وجود أي مكاسب لها.‏

والاعتقاد السائد أن الرئيس ترامب ووسائل إعلامه سوف يعلنون أن الولايات المتحدة قد أحرزت انتصاراً مجيداً على داعش في هزيمتها في معقلها في الرقة , ومن ثم سيأمر الرئيس الأميركي قواته بمغادرة البلاد . ولن يكون هناك تواجد لهم سوى في حدوده الدنيا لبضعة أشهر دون عمليات كبيرة. وما تبقى من داعش في شرق سورية سيتم القضاء عليهم من قبل الجيش السوري وحلفائه. وسوف يكتشف الحلفاء «الغربيون» للأكراد أن مصالحهم الاستراتيجية محفوظة مع الدول الوطنية السليمة.‏

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة